مناقب أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها مقالة 1

مناقب أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها مقالة 1

بسم الله الرحمن الرحيم

 

حياة أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – 

الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد و على آله و صحبه الطيبين الطاهرين، وبعد:

فقد دأب بعض أهل الهوى والفكر المنحرف، والدخيل على ديننا الحنيف للنيل من الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – عن طريق أزواجه الأطهار – رضوان الله عليهن – عموما وعائشة – رضي الله عنها – على وجه الخصوص لمكانتها العلمية في ديننا الحنيف.

 

و هذا المبحث عن حياة أم المؤمنين العامة والخاصة ومكانتها العلمية الفريدة لأنها من أولي اللواتي حملن لنا هذا الدين القويم، فكانت لها الفضل العظيم – رضوان الله عليها – في نقل وصيانة هذا الدين إلينا كما كانت لها فضل نشر نور الإسلام، وعلومه.

 

تلكم أم المؤمنين الصديقة زوجة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في الدنيا والآخرة من أكثر الصحابة رواية للحديث النبوي الشريف وأشدهم حفظا له.

 

الفصل الأول

حياة أم المؤمنين عائشة ملكة العفاف الخاصة والعامة

 

الفرع الأول – حياة أم المؤمنين عائشة الخاصة.

الفرع الثاني – حياة أم المؤمنين عائشة العامة.

 

الفرع الأول

حياة أم المؤمنين عائشة ملكة العفاف الخاصة.

وفيما يلي أبين بعض الجوانب من حياة أم المؤمنين الخاصة لكي يعرف ويلم القارئ الكريم بما يحب أن يعرف من حياة هؤلاء الأخيار الذين رضي الله عنهن ورضوا عنه، فيتلمس علمهن، وحبهن ابتغاء لمرضاة الله سبحانه وتعالى.

 

من هي عائشة:

هي الصديقة بنت الصديق أبي بكر، عبد الله بن أبي قحافة ، القرشية، التيمية، المكية.

 

أمها:

أم رومان الكنانية بنت عامر بن عويمر، بن عبد شمس، بن عتاب، بن أذينة بن سبيع، بن دهمان بن الحارث، بن غنم بن مالك بن كنانة[1].

 

ألقاب عائشة – رضي الله عنها:

ظفرت أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – بألقاب لم تظفر بها غيرها من أمهات المؤمنين – رضوان الله عليهن أجمعين – منها:

1- عائش: كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ينادي عائشة – رضي الله تعالى عنها – بقوله: (يا عائش) [2] تحبباً، وتحسناً لمكانتها المميزة في قلب رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، ففي الصحيحين عن عائشة، قالت: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: يا عائش! هذا جبريل يقرئك السلام. قلت وعليك السلام ورحمة الله وبركاته) [3].

 

2- حميراء: وكذلك روى أن رسول الله  – صلى الله عليه وسلم –  نادى حبيبته عائشة – رضي الله عنها – بالحميراء، تحببا إليها وملاطفة لها ومن ذلك ما رواه عدد من العلماء من رواية أم المؤمنين عائشة، زوج النبي – صلى الله عليه وسلم – قالت: دخل الحبشة المسجد يلعبون، فقال لي: يا حميراء أتحبين أن تنظري إليهم فقلت: “نعم، فقام بالباب وجئته فوضعت ذقني على عاتقه فأسندت وجهي إلى خده” قالت: “ومن قولهم يومئذ أبا القاسم طيبا” فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “حسبك” فقلت: يا رسول الله لا تعجل، فقام لي ثم قال: “حسبك” فقلت: “لا تعجل يا رسول الله” قالت: “وما لي حب النظر إليهم، ولكني أحببت أن يبلغ النساء مقامه لي ومكاني منه” قالت: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم: يا حميراء! أتحبين أن تنظُري إليهم؟! يعني: إلى لعب الحبشة ورقصهم في المسجد)[4]. ولفظ حميراء معناه البيضاء، لأن أم المؤمنين كانت بيضاء رضي الله عنها. والعرب تطلق على الأبيض أحمر لغلبة السمرة على لون العرب[5]. والعرب تقول: امرأة حمراء أي بيضاء. وسئل ثعلب: لم خص الأحمر دون الأبيض؟ فقال: (لأن العرب لا تقول رجل أبيض من بياض اللون، إنما الأبيض عندهم الطاهر النقي من العيوب، فإذا أرادوا الأبيض من اللون قالوا أحمر)[6].

 

3- ابنة الصديق: كثيرًا ما كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يناديها بابنة الصديق تحببًا وإكراماً لابنة الصديق لما لها وأبيها من مكانة عظيمة في قلبه وقلب كل مؤمن بالله ورسوله. من ذلك ما روته عائشة – أم المؤمنين رضي الله عنها – قالت: قلت يا رسول الله ﴿ وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ ﴾ [المؤمنون: 60] هوالذي يزني ويشرب الخمر ويسرق؟ قال: لا يا ابنة الصديق، ولكنه الرجل يصوم ويصلي ويتصدق، ويخاف أن لا يقبل منه .

 

4- ابنة أبي بكر: كذلك كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ينادي أم المؤمنين بابنة أبي بكر لبيان عظيم مكانتها ومكانة أبيها أحب الناس إلى قلب رسول الله – صلى الله عليه وسلم. ومن ذلك ما رواه الإمام مسلم – رحمه الله تعالى – في صحيحه، أن عائشة، زوج النبي – صلى الله عليه وسلم -، قالت: أرسل أزواج النبي – صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستأذنت عليه وهو مضطجع معي في مرطي، فأذن لها، فقالت: يا رسول الله إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة، وأنا ساكتة، قالت فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم “أي بنية ألست تحبين ما أحب؟” فقالت: بلى، قال “فأحبي هذه” قالت: فقامت فاطمة حين سمعت ذلك من رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، فرجعت إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرتهن بالذي قالت، وبالذي قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلن لها: ما نراك أغنيت عنا من شيء، فارجعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولي له: إن أزواجك ينشدنك العدل في ابنة أبي قحافة، فقالت فاطمة: والله لا أكلمه فيها أبدا، قالت عائشة، فأرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وهي التي كانت تساميني منهن في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم أر امرأة قط خيرًا في الدين من زينب. وأتقى لله وأصدق حديثاً، وأوصل للرحم، وأعظم صدقة، وأشد ابتذالًا لنفسها في العمل الذي تصدق به، وتقرب به إلى الله تعالى، ما عدا سورة من حدة كانت فيها، تسرع منها الفيئة، قالت: فاستأذنت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم مع عائشة في مرطها، على الحالة التي دخلت فاطمة عليها وهو بها، فأذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت: يا رسول الله إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة، قالت: ثم وقعت بي، فاستطالت علي، وأنا أرقب رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، وأرقب طرفه، هل يأذن لي فيها، قالت: فلم تبرح زينب حتى عرفت أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لا يكره أن أنتصر، قالت: فلما وقعت بها لم أنشبها حتى أنحيت عليها، قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وتبسم إنها “ابنة أبي بكر”[8].

 

5- الموفقة: وأيضًا كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – ينادي أم المؤمنين بالموفقة لتوفيق الله تعالى لها بكل ما تقول أوتفعل رضي الله تعالى عنها. روى أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم قال: (من كان له فرطان من أمتي أدخله الله بهما الجنة، فقالت عائشة: فمن كان له فرط من أمتك. قال: ومن كان له فرط يا موفقة…….) [9].

 

6- أم عبد الله: كنى رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – بأم عبد الله. روت عائشة – رضي الله عنها قولها لرسول الله – صلى الله عليه وسلم -: (أم كل صواحبها لهن كنى، فقال لها رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: فاكتني بابنك عبد الله[10] – يعني ابن أختها – فكانت تكنى بأم عبد الله)[11].

 

وفي رواية ثانية عن عائشة – رضي الله عنها – قالت: لما ولد عبد الله بن الزبير أتيت عائشة – رضي الله عنها، قالت: لما ولد عبد الله بن الزبير أتيت به النبي – صلى الله عليه وسلم – فتفل في فيه، فكان أول شيء دخل جوه، وقال: هوعبد الله وأنت أم عبد الله، فما زلت أكنى بها وما ولدت قط) [12].

 

7- أم المؤمنين: بهذا اللقب لقبت عائشة رضي الله عنها كغيرها من أمهات المؤمنين وبيان ذلك قوله سبحانه وتعالى: ﴿ النَّبِيُّ أَولَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وأَزْواجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وأُولُوالْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَولَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ والْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَولِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا ﴾[13].

 

وهذه الألقاب التي لقبت بها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها وبالتالي فهي تستحق بجدارة أن تعطى لقبًا جديدًا ألا وهو ملكة العفاف كبرهان محبة من أهل السنة الجماعة واعتذار منها عما لحقها أذى وتقولات من أهل الزيغ والضلال.

 

ولادة أم لمؤمنين عائشة، ونشأتها:

ولدت أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها – في مكة المكرمة قبل الهجرة بسبع سنين تقريباً. وقد تربت – رضي الله عنها – شطرا في بيت الصديق (تسع سنين)، وشطرا آخر في بيت النبوة (تسع سنين أيضًاً).

 

 

 

[1] وقيل بل هي : أم رومان بنت عامر، بن عميرة، بن ذهل، بن دهمان بن الحارث بن غنم بن مالك بن كنانة.

[2] و هو في اللغة من باب الترخيم.

[3] رواه الشيخان. البخاري في صحيحه، دار ابن كثي اليمامة بيروت، لبنان، الطبعة الثالثة، ج5/2291. و مسلم في صحيحه، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ج4/1896.

[4] السنن الكبرى للنسائي، دار الكتب العلمية، بيروت عام 1991، ج 5/ 307، وأورده صاحب السلسلة في سلسلة الأحاديث الصحيحة، مكتبة المعارف، الرياض، مج7 القسم الثاني، ص 817 برقم 3277. والحق الذي يجب أن يقال هو ما قال ابن حجر العسقلاني – رحمه الله تعالى : (لم أر في حديث صحيح ذكر الحميراء إلا في هذا ) فتح الباري لابن حجر العسقلاني، دار المعرفة – بيروت عام 1379هـ تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي – محي الدين الخطيب، ج2/ 444. و لينظر القارئ الكريم على سبيل المثال الرواية و التي منطوقها : (يا حميراء من أعطى نارا فكأنما تصدق…..) حديث ضعيف انظر صحيح و ضعيف الجامع الصغير برقم 6391. وانظر الرواية التي منطوقها : يا رسول الله ما الشيء الذي لا يحل منعه، قال : الماء و الملح و النار، قالت قلت : (يا رسول هذا الماء قد عرفناه، فمال بال الملح و النار، قال : يا حميراء….) رواه ابن ماجه سننه، ج2/ 826، برقم 2474 و قال عنه الشيخ ناصر الدين في السلسلة الضعيفة، ج1/242برقم 120 : (حديث ضعيف). و انظر الرواية التي منطوقها : (….. فلما رفع رأسه من السجود و فرغ من صلاته، قال يا عائشة أو يا حميراء أظننت أني…..) و هو حديث ضعيف انظر ضعيف الترغيب و الترهيب برقم 622. و انظر الرواية التي منطوقها :… كان يصلي في المكان الذي يبول فيه الحسن والحسين، فقالت عائشة يا رسول : ألا تنظر مكانا من الحجرة أنظف من هذا. قال : (يا حميراء أما علمت أن العبد إذا سجد سجدة لله تعالى طهر له موضع سجوده…..) وهو حديث موضوع انظر السلسلة الضعيفة ، برقم 2653. و الراوية التي منطوقها : (يا حميراء أنه لما كان ليلة أسرى بي إلى السماء) و كذلك الرواية التي منطوقها : (يا حميراء إن فاطمة ليست كنساء الآدميين…) و هما من الأحاديث الموضوعة أنظر السلسلة الضعيفة والموضوعة برقم 3242.و انظر أخي الكريم إلى منطوق الرواية : (يا حميراء أما شعرت أن الأنين اسم من أساء الله….) و هو حديث منكر انظر إلى السلسلة الضعيفة برقم 3243 و 4051.

[5] انظر النهاية في غريب الأثر، لأبي السعادات المبارك بن محمد الجزري، دار المكتبة العلمية، بيروت 1979، ج1/438. والقاموس المحيط للفيروز آبادي، مجلس دائرة المعارف العثمانية، حيدر آبادر – الهند عام 1972 م، ط2 ص 3487.

[6] لسان العرب المحيط، لابن منظور إعداد يوسف خياط و نديم مرعشلي، دار لسان العرب المحيط، مج1/ 714..

[8] – رواه مسلم في صحيحه، ج4/ 1891.

[9] – رواه الترمذي في جامعه، ج3/376 وقال عنه حسن غريب، وقد ضعفه صاحب السلسلة في صحيح وضعيف الجامع الصغير برقم 5801.

[10] – هو عبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي، أمه أسماء بنت أبي بكر الصديق ولد عام الهجرة، فكان أول مولود للمسلمين بعد الهجرة و أول شيء دخل بطنه ريق النبي – صلى الله عليه وسلم – حنكه بتمرة. (الإصابة في تمييز الصحابة)، لشهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، طبع مصر 1312هـ ، ج2/309. سير أعلام النبلاء لشمس الدين الذهبي، دار المعارف بالقاهرة، ج3/363.

[11] سنن أبي داود، دار الفكر بيروت لبنان، ج4/293.

[12] صحيح ابن حبان، مؤسسة الرسالة، بيروت، عام 1193م، ج16 /55.

[13] سورة الأحزاب، الآية 6.

 

إترك تعليق

البريد الالكتروني الخاص بك لن يتم نشرة . حقل مطلوب *

*