ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة مقالة 1

ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة مقالة 1

بسم الله الرحمن الرحيم

{ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ }

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم.
الحمد لله ذي الجلال والإكرام، الملك القدوس السلام، المؤمن المهيمن العلام. الذي منَّ علينا بأن هدانا إلى الإيمان والإسلام، وجعلنا من خير أمة أخرجت للناس والأنام، وبيَّن لنا في كتابه العزيز المبين، على لسان رسوله الصادق الأمين، شرائعَ الدِّين من الحدود والأحكام، ومناهج الحلال والحرام، وميَّز لنا بين الحقِّ والباطل، والهدى والضلالة، والطاعات والآثام؛ فوضحت بذلك المحجة للسالكين المهتدين، وقامت به الحجة على التاركين المعتدين.
وله سبحانه وتعالى النعمة السابغة، والحجة البالغة على جميع العالمين من كل خاص وعام. خلق الخلق لما يشاء،
واستعملهم فيما يشاء رحمة وفضلاً، وحكمة وعدلاً، ونوَّعهم في ذلك وفي غيره من أحوالهم وأفعالهم وسيرهم، وصوَّرهم على أنواع، وقسمهم فيه على أقسام؛ ليدل بذلك على عظيم قدرته الباهرة، وعلمه المحيط، ومشيئته القاهرة، وشؤونه الباطنة والظاهرة. وليس في شيء من ذلك بجائر على عبيده ولا بظلام. لا يسأل عما يفعل وهم يسألون. خلق الجنة وخلق لها أهلا؛ فهم بعمل أهل الجنة يعملون. وخلق النار وخلق لها أهلا؛ فهم بعمل أهل النار يعملون. وهم في جميع ذلك لا يخلقون شيئاً وهم يخلقون، ولا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً، ولا موتاً ولا حياة، ولا نشوراً. وليسوا بذلك في حال تقصيرهم عن القيام بحقه، والإمتثال لأمره، والوفاء بعهده، ولا في ارتكاب نهيه، والعمل بمعصيته يعذرون؛ مهما كانوا مختارين وغير مستكرهين ولا مقهورين ولا مجبورين. وقد هلك المتنطعون والمتعمقون، والمترخصون المحتجون على ربهم، الذين قال فيهم عز من قائل: { إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلاَّ يَخْرُصُونَ } (1)
__________
(1) – معنى ” يَخْرُصُونَ ” أي: يكذبون.

فله سبحانه الحول و الطول(1)، والفضل والإحسان، والمن والإنعام. وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد عبده ورسوله، الذي أرسله رحمة للعالمين، وختم به النبيين، وجعله سيد المرسلين، وأكرم السابقين والاحقين، وأول الشافعين والمشفعين، وعلى أهل بيته الطاهرين الكرام، وعلى أصحابه الأئمة الأعلام، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم البعث والقيام، والحشر إلى الله والحساب والوزن، والعبور على الجسر الذي تثبت عليه أقدام وتزل عنه أقدام { يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاءُ } { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعْمَةَ اللّهِ كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ } والسخط والإنتقام، { وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلاَمٌ }. اللهم إن بك العياذ واللياذ، والإستعانة والإعتصام. نعوذ بك اللهم من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، ومن شر كل شيطان مارد، وجبار معاند، وباغ وحاسد، ومن شر ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها،
وأنت الرحيم الغفور، تجير ولا يجار عليك، ولا منجا منك إلا إليك. اللهم اهدنا بهداك، واجعلنا ممن يسارع في رضاك، ولا تولنا وليا سواك، ولا تجعلنا ممن خالف أمرك وعصاك. وحسبنا الله ونعم الوكيل. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. { وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ }، { وَكَفَى بِاللّهِ وَلِيّاً وَكَفَى بِاللّهِ نَصِيراً }، { نِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ }
، { لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ }، الذي تفرد بالقدم، وتوحد بالبقاء والدوام.
__________
(1) – الحول (بسكون الواو): القدرة. والطول (بفتح الطاء): الغنى والسعة.

.

المقـــدمــــة
*****
… ونذكر فيها الدعوة إلى الله تعالى وإلى دينه وسبيله، والأمر بذلك وفضله والحث عليه. وفيها التنبيه على مسائل مهمة، وفوائد جمة.
* * *
… قال الله العلي العظيم، القوي المتين في كتابه العزيز المبين، لرسوله الصادق الأمين: { ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ }، وقال تعالى: { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }، وقال تعالى: { وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }، وقال تعالى: { وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }.
فالدعاء إلى الله وإلى سبيله ودينه وطاعته، وصف الأنبياء والمرسلين ودأبهم وبه وله بعثهم الله وأمرهم وأوصاهم، وعليه حثهم وحرضهم، وعلى ذلك اتبعهم واقتدى بهم ورثتهم من العلماء العاملين والأولياء والصالحين من عباد الله المؤمنين؛ فلم يزالوا على كل حال وفي كل زمان وحين يدعون الناس إلى سبيل الله وطاعته، بأقوالهم وأفعالهم، على غاية من التشمير والجد في ذلك؛ ابتغاء لمرضاة الله، وشفقة على عباد الله، ورغبة في ثواب الله، واقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد قال عليه الصلاة والسلام: ( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من اتبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا )(1) وقد قال عليه الصلاة والسلام: ( الدال على الخير كفاعله )(2).
__________
(1) – رواه ابن ماجه عن أبي هريرة.
(2) – رواه البزاز عن ابن مسعود، والطبراني عنه، وعن سهل بن سعد.

وما ورد من الآيات والأخبار والآثار في الأمر بالدعاء إلى الله وإلى سبيله وفي فضل ذلك كثيرة شهيرة.
وكل ما ورد في فضل نشر العلم وتعلمه، وفي فضل الوعظ والتذكير، بل وفي فضل الجهاد في سبيل الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر داخل ومندرج في فضل الدعاء إلى الله تعالى وإلى سبيله؛ فإن جميع ذلك من أنواعه وأقسامه.
ومن قصَّر عن الدعاء إلى الله وإلى دينه من المتأهلين له مع التمكن منه، فإنه داخل تحت عموم الوعيد الوارد في حق من كتم ما أنزل الله من البينات والهدى وفي ذلك وعيد شديد، وعذاب وبيل، وذم من الله بليغ؛ قال الله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ }، وقال تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ } إلى قوله تعالى: { فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ }.
وقد أخذ الله المواثيق والعهود على الذين آتاهم كتابه وعلمه وحكمته في أن يدعوا عباده إلى ذلك، ويبينوه لهم؛ كما قال تعالى: { وَإِذَ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاء ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ }.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار )(1). والسؤال بلسان المقال ظاهر جلي، ولا يبعد أن يكون السؤال بلسان الحال مثله أو قريباً منه، وقد قيل: ( لسان الحال أفصح من لسان المقال).
فإذا رأى ونظر العالم بدين الله، المذكر بأيام الله، الداعي إلى سبيل الله إلى الجاهلين بالعلم، الغافلين عن الآخرة، المقبلين على الدنيا، لم يسعه إلا أن يبين لهم ما يجب عليهم من حق الله، ويلزمهم من طاعته وإقامة أمره، واجتناب معصيته وركوب نهيه.
فأما العلماء المقصِّرون، الذين قد غلب عليهم التفريط والتخليط فليس يهمهم ذلك، وربما لم يخطر لهم على بال؛ لأنهم قد شاركوا الجهال في الإضاعة والإهمال، وسيئ الأعمال والأقوال. فليسوا يتميزون عليهم إلا بصورة العلم ورسومه، التي على ألسنتهم وظواهرهم فليس أولئك من
__________
(1) – رواه أحمد عن أبي هريرة.

أئمة الهدى، ولا من دعاة الخير، ولا أدلاء الطريق إلى الله الملك العظيم. بل قد يكون من يكون هو السبب في جراءة العامة وتجاسرهم، واسترسالهم فيما لا خير فيه من الأقوال والأفعال التي تسخط الله ورسوله. وذلك أن العامة إذا رأوا المنسوبين إلى العلم والدين، يتهاونون ويتساهلون في إقامة أمر الله وفرائضه، ولا يسارعون في طاعته بما حملهم ذلك على الإهمال والإضاعة لأمور الدين؛ بل ربما جرأهم ذلك على الوقوع في المهلكات والجرائم الموبقات؛ فصار العلماء الكائنون بهذه المثابة من دعاة الشر وأئمة الضلالة، من حيث يعلمون أو من حيث لا يعلمون. فنعوذ بالله من الإنعكاس والإنتكاس، ونسأله العافية من كل محذور وباس لنا ولأحبابنا وللمسلمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين.
ثم إنه ليس يسع أهل الحق والدين من العلماء الراسخين، الناصحين لله ورسوله وللمسلمين، بعد ما قد رأوا وشاهدوا بالعيان من إعراض العامة عن العلم والهدى، وعن إقامة الأمور الإلهية، والفرائض الدينية، وركوب المحرمات الشرعية والرضا بالجهل بدلاً من العلم، والضلالة عوضاً عن الهدى، والباطل خلفاً عن الحق؛ مع الإكباب على الشهوات، والسعي في نيل الحظوظ الفانيات، وإيثار الدنيا على الآخرة، والرضا بما يذهب ويفنى بدلا عما يدوم ويبقى أن يسكتوا عن أمرهم ونصيحتهم، وإقامة أمر الله فيهم، ودعوتهم إلى الهدى والخير، ونهيهم عن الشر والمنكر. وأن يبذلوا في ذلك وسعهم واستطاعتهم، ويستفرغوا في ذلك جهدهم وطاقتهم؛ فإن ذلك واجب عليهم إما على الأعيان، وإما على الكفاية؛ ليس لهم في ذلك عذر، ولا في تركه سعة، وقد علمهم الله علمه، واستحفظهم دينه، وأورثهم كتابه وسنة رسوله، وقد قال عليه الصلاة والسلام: ( العلماء ورثة الأنبياء. إن الأنبياء لم يُوَرِّثوا ديناراً ولا درهماً وإنما وَرَّثوا العلم )(1) الحديث.
وفي حديث آخر: ( علماء أمتي كأنبياء بني إسرائيل )(2).
__________
(1) – روى عن أنس كما في الجامع الصغير: (العلماء ورثة الأنبياء). روى أحمد والأربعة وآخرون عن أبي الدرداء مرفوعا ما رواه المصنف، وصححه ابن حبان والحاكم، وحسنه بعضهم، وضعفه آخرون لاضطراب سنده؛ لكن له شواهد وله طرق يعرف بها أن له أصلا؛ كما قاله الحافظ ابن حجر – اه-.
(2) – جزم بأنه حديث الفخر الرازي وابن قدامة والأسنوي والبازري وآخرون. ولكن قال السيوطي في الدرر وابن حجر: لا أصل له – اه-.

وكان يبعث في بني إسرائيل النبي بعد النبي مجددين لشريعة موسى على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام وداعين لهم إلى إقامتها ومحرضين على العمل بها، ومخوفين لهم من إضاعة أمر الله وركوب نهيه، وذلك بوحي من الله يوحيه إليهم، كما يعرف ذلك من نظر في أخبارهم وقصصهم، إلى أن بعث الله عيسى بن مريم على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام بشريعة ناسخة لشريعة موسى عليه السلام فكفر به بنو إسرائيل وكذبوه، وبهتوا أمه عليها السلام)(1).ثم وقعت الفترة بعد عيسى عليه السلام، إلى أن بعث الله عبده ورسوله محمدا صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم بالقرآن والشريعة الجامعة الناسخة لما تقدمها من الشرائع، فكفرت به اليهود والنصارى، وكذبوه إلا من شاء الله منهم.
ولما جعل الله محمدا صلوات الله وسلامه عليه خاتم النبيين والمرسلين، فقال عز من قائل: { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً } فختم به النبوة والرسالة،
__________
(1) – كذبوا عليها بأقوال باطلة.

وجعله كمالها وتمامها. كما قد جعل به ابتدائها وافتتاحها جعل به انتهائها وختامها، فليس بعده نبي ولا رسول جعل بفضله وجميل طوله وامتنانه من علماء أمته الذين هم من ورثته وخلفاؤه وحملة شريعته، والأهم في دينه، من يشبه أنبياء بني إسرائيل من بعض الوجوه أو من أكثرها وإن كانت النبوة لا سبيل إليها، ولا مطمع فيها بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بحال والسبيل إليها مسدود وأيضا فالاكتساب والاجتهاد لا يوصل إليها، ولا تنال به ولا في الوقت الممكن وقوعها فيه، وذلك من قبل بعث محمد صلوات الله عليه، وقد ختم النبوة والرسالة به.
فحيث كان الأمر على حسب ما قد لمت وسمعت، جعل الله في هذه الأمة المحمدية الدعاة إلى الهدى، والمجددين لما اندرس من أعلام الدين، وانطمس من معالم اليقين، ووقع التقصير فيه والغفلة عنه من إقامة الأوامر الإلهية والنواهي الشرعية.
وإلى ذلك يشير ما روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله يبعث لهذه الأمة من يجدد لها دينها على رأس كل مائة سنة).
قال العلماء رحمة الله عليهم: فكان على رأس المائة الأولى الخليفة الصالح (عمر بن عبد العزيز الأموي القرشي)- رحمه الله – (1).
وعلى رأس المائة الثانية الإمام (محمد بن إدريس الشافعي المطلبي) رحمه الله(2).
وعلى رأس المائة الثالثة الإمام (ابن سريج الشافعي)(3) أو الشيخ (أبو الحسن الأشعري)(4).
وعلى رأس المائة الرابعة القاضي (أبوبكر الباقلاني المالكي )(5) أو الشيخ (أبو حامد الأسفرايني الشافعي)(6).
وعلى رأس المائة الخامسة الإمام حجة الإسلام (أبو حامد الغزالي)(7).
ووقع الخلاف في المجدد على رأس المائة السادسة، والسابعة، والثامنة، و التاسعة، والعاشرة التي بتمامها يتم الألف من حين هجرته صلى الله عليه وسلم،
__________
(1) – المتوفى سنة 101ه-.
(2) – المتوفى سنة 204ه-.
(3) – وهو الملقب بالباز الأشهب المتوفى سنة 306ه-. ببغداد.
(4) – المتوفى سنة 324ه-.
(5) – المتوفى سنة 403ه-.
(6) – المتوفى سنة 406ه-.
(7) – المتوفى سنة 505ه-.

وبها وقع ابتداء التاريخ في خلافة أمير المؤمنين (عمر بن الخطاب) بإشارة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنهما.
وكذا وقع اختلاف في المجدد على رأس المائة الثالثة والمائة الرابعة. وذكر الحافظ السيوطي رحمه الله تعالى في كلام له على معنى هذا الخبر الوارد فيمن يجدد لهذه الأمة دينها على رأس كل مائة سنة، أنه محتمل أن يكون المجددون على رأس كل مائة سنة جماعة من العلماء الأئمة، يحصل بمجموعهم التجديد للدين. وهذا الذي ذكره محتمل من حيث اللفظ والمعنى. وحيث لم يذكر السلف الصالح فيمن قد عينوه وعرفوه لتجديد القرون الأول سوى واحد على احتمال فيه أو مع اختلاف؛ فصار ما ذكره الحافظ السيوطي مما يتوقف فيه وقد طال العهد بالوقوف على ما ذكره. والذي يظهر ويقع في الخاطر أن هذا حاصله، والله هو العليم الخبير.

إترك تعليق

البريد الالكتروني الخاص بك لن يتم نشرة . حقل مطلوب *

*