أهــــم سمــــات المتصــوفة

أهــــم سمــــات المتصــوفة

أهــــم سمــــات المتصــوفة
المتصــوفة:-
“هم قومٌ سلكوا طريق الصحابة والتابعين٬ وأخذوا أخلاقهم وآدابهم٬ حتى وصلوا إلى درجة الصفاء”. ( أبو النصر السراج الطوسي . كتاب اللمع. تحقيق د:عبد الحليم محمود وطه عبد الباقي سرور٬ دار الكتب الحديثة.القاهرة ، 1960م ، ص42).

فهم قومٌ صفت سرائرهم٬ وتطهرت أنفسهم من قبيح الصفات٬ ورذائل الأخلاق٬ وعلت هممهم فاشتغلوا بطاعة ربهم؛ حتى كافأهم بالوصال والإصطفاء٬ أخذوا من دنياهم ما يسد حاجتهم وحملوا من الصالحات زاداً لمعادهم.

يقول الطوسي (ت 378هـ ) في اللمع :- ” فإذا قيل لك الصوفية من هم في الحقيقة ؟ صفهم لنا ؟
فقل : هم العلماء بالله وبأحكام الله ، العاملون بما علمهم الله تعالى المتحققون بما استعملهم الله عز وجل ، الواجدون بما تحققوا ، الفانون بما وجدوا لأن كل واحد قد فنى بما وجد ” ( أبو النصر السراج الطوسي . المرجع نفسه ، ص 47 ).

* ويجب على كل شخص يريد أن يدخل في زمرة الصوفية٬ وينتسب للطريقة٬ أن يعلم ماهية التصوف وفوائده٬ ويلزم عليه- أيضاً- أن يعرف ماهية الطريقة وأن يتأدب بآداب السالكين من أهل التصوف
“والتأدب من الظاهر لمعرفة حسن أدب الباطن” (أبو نجيب ضياء السهروردي .عوارف المعارف٬ مكتبة القاهرة ، القاهرة عــام 1973م ، ص54).

وقيل عن الأدب: أنه ذكرٌ مع اجتماع ٬ ووجدٌ مع استماع٬ وعملٌ مع إتباع٬ وهو تركٌ للتكلف٬ وبذلٌ للروح. ( أبو نجيب ضياء الدين السهروردي . آداب المريدين . تحقيق محمد شلتوت ، دار الوطن العربي ، القاهرة ، بدون تاريخ ، ص 68 ).

وقد بني التصوف:-
على إتباع آداب الشريعة٬ والبعد عن الشبهات والحفاظ على الكليات الخمس(1)
فائدة التصوف:-
هي تطهير القلوب وتنويرها٬ والمعرفة الوجدانية والحسية بالله علام الغيوب.

ويُعرف الله بالدلائل٬ وذلك لأن لكل شيء في الوجود إنما يمثل دليل على وجود الله؛ ولكن في التصوف لا حاجة للدلائل لمشاهدة الذات الإلهية ٬ ليس بعين البصر ولكن بعين البصيرة٬ وهذا يعني أن الشخص حينئذ يصدق بإيمان كامل كل ما أخبر به النبي صلّى الله عليه وسلم ومن شدة صفاء روحه٬ كأنه يراه بعينه.
غـــاية التصــــوف:-
هي الوصول بالشخص لرضا الله تعالى٬ والوصول إلى السعادة الأبدية حيث يستنير القلب في طريق التصوف وبذلك تنكشف له أشياء علوية كثيرة٬ ويستطيع مشاهدة الأحوال الغريبة والعجيبة.
أفضلية التصوف:-
التصوف هو من أشرف العلوم لأنه يتعلق بمعرفة الله ومحبته٬ ولا شك في أن معرفة الله أفضل من كل شيء .
وكل العلوم تحتاج إلى التصوف٬ وذلك لأن الغاية من كل العلوم والأعمال هي الوصول لرضا الله٬ وكل العلوم والأعمال التي لها هدف آخر غير رضا الله هي علوم وأعمال مردودة٬ وتلك العلوم والأعمال تتم بدون التصوف. (سليمان بن عمر بن محمد البجيرمى. حاشية البجيرمى. المكتبة الإسلامية، تركيا، ج4، بدون تاريخ، ص209).

وعلى هذا فالتصوف بالنسبة للعلوم الأخرى كالروح بالنسبة للجسد٬ وكما أن الجسد لا يمكن أن يكون موجوداً بدون روح فكذا العلوم لا يمكن أن تكون موجودة بدون تصوف .
أسس التصوف:-

بني التصوف على خمس أسس هي:-
1- التقوى:-
وهي الخوف من الله٬ والخوف الظاهري والباطني من عذاب الله٬ ولا يحصل هذا إلا بالورع والاستقامة والتي لا تتأتى إلا بقوة إرادة الإنسان وكونه صاحب قرار وكونه صاحب ورع٬ وعدم إتباعه لشهوات النفس٬ ووساوس الشيطان لتوصله إلى التقوى.
٢- إتباع السنة:-

وهي إتباع سُنة النبي صلى الله عليه وسلم وإتباع السُنة يحصل بالتحلي بالأخلاق الحميدة وحفظ الأعضاء من المحرمات ، وتطبيق الشريعة الإسلامية بكل ما ورد فيها .
٣- الإيراد:-
أي لا يعير الشخص اهتماماً للبشر٬ ولا يهتم بمدحٍ أو ذم٬ ويجب أن يكون ذلك كله لرضا
الله تعالى وعلى هذا يحصل الإيراد بالصبر وحُسْن التوكل على الله.

٤- الرضا:-

أن يرضى بالله في الضيق والفرج٬ في السراء والضراء٬ ويحصل هذا بالقناعة والتفويض.

٥- الرجوع إلى الله:-

الرجوع إلى الله في الضيق والفرج٬ وشكر الله على نعمه في السراء ، واللجوء إلى الله في الضيق.

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن: من أين أتى التصوف؟

والإجابة تكون من القرآن الكريم٬ والسُنة النبوية المطهرة٬ ومن مؤلفات خواص الأمة الإسلامية٬ وخواص الأمة الإسلامية: ” هم الأشخاص الذين حدث عليهم اتفاق وإجماع من الأمة الإسلامية ” .
مثل :-
” الإمام جعفر الصادق٬ وسفيان الثوري٬ والإمام الغزالي ٬ وغيرهم…… ”

حكم التصوف:-
أحكام التصوف خمسة ( واجب- حرام- مندوب – مكروه- مباح ).(1)
الواجب: هو طلب الفعل طلبا جازما
الحرام: هو طلب الترك طلبا جازما
المندوب : هو طلب الفعل طلبا غير جازم
المكروه : هو طلب الترك طلبا غير جازم
المباح : هو طلب المخير فيه بين الفعل والترك.( على بن عبدالكافى السبكى. الإيضاح. دار الكتب العلمية، بيروت، ج1، ط1، 1404هـ، ص52 )

والتصوف واجب : في حق الشخص الذى يريد الكمال الأخلاقى٬ لأنه لا يوجد شخص خالي من العيوب ٬ فإما أن يكون الشخص ذو عيب أخلاقي أو ذو مرض قلبي٬ والمبرءون من العيوب هم الأنبياء والرسل عليهم السلام.
ويقول أحد العارفين قال الله تعالى : في كتابه العزيز:( وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ). (سورة الحشر – آية ٧)

وعلى هذا فنحن على عهد بطاعة الأوامر التي كلفنا بها والإنتهاء عما نهانا الله عنه٬ وأمرنا بأن نكون مخلصين في كل أعمالنا. يقول الله تعالى في كتابه العزيز:(وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ ).( سورة البينة – آية ٥)
ولا يعتقد الشخص بأنه سيكون مخلصا دون الوصول إلى المحبة الذاتية والفناء في الله؛ وطالما أن الإخلاص يحصل بهذين الشيئين المذكوريْن فيما سبق٬ فالتصوف يؤدي بنا إلى الإخلاص الذي هو شرط للوصول إلى الفناء في الله٬ ومن هنا كان التصوف طريقاً مهماً إلى الله .
كما قال الشيخ عبد الوهاب الشعراني :- إن كل أهل الطريقة اتفقوا على أنه يجب على الشخص الذي يريد الدخول لحضرة الله٬ أن يكون تحت مراقبة وتربية شيخ ينقحه من الصفات الذميمة ويطهر قلبه من الأمراض التي تمنع الدخول في حضرة الله .
كصلاة الشخص لا تكون صحيحة ، إلا بتلك الشروط الواجبة لصحتها ، لأنه طوال الفترة التي يكون فيها الشخص متصفاً بتلك الصفات الذميمة لا يستطيع الدخول على الصلاة بقلبه ٬ لأن الشيء الذي لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
وعلى هذا : فالتداوي من الأمراض الباطنية واجب٬ وقد وردت ” أحاديث صحيحة ” عن هذه الأمراض الباطنية٬ والدواء منها فرض عين٬ لأن الله قد وعد مرضى القلوب بالعذاب.
ويفهم من ذلك أن الشخص الذي لا يتخذ مرشداً له يداويه من الأمراض يعتبر عاصياً لله ولرسوله٬ ولو أن الشخص قرأ ألف كتاب فلن يستطيع أن يداوي نفسه٬ وخير مرشد هو القرآن الكريم والسُنة النبوية المطهرة٬ ولن يستطيع التخلص من الصفات الذميمة إلا بالقرآن والسنة.

وقد ذُكرَ أيضاً في كتاب (الحديقة الندية) : أن تعلم العلم الباطني فرض عين على كل مسلم غير سليم القلب٬ فالعلم الباطني هو الذي يخبر بماهية الأشياء المهلكة٬ والأشياء المنقذة حتى أن معظم العلماء الكبار من المذاهب الأربعة علموا بأن علوم الباطن غير كافية لهم٬ وشعروا بالإحتياج إلى علم التصوف٬ والقلب هو خزينة كل المجوهرات٬ وهو مقام كل الحكم والتجليات الإلهية٬ والقلب هو السلطان وبقية الأعضاء خدم له.
إذا فسد القلب فسدت ، وإذا صلح القلب صلح باقي الأعضاء .
روى ابونعيم عن زكريا عن عامر قال سمعت النعمان بن بشير يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الحلال بين والحرام بين وبينهما مشبهات لا يعلمها كثير من الناس، فمن أتقى المشبهات استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع فى الشبهات كراع يرعى حول الحمى يوشك أن يواقعه ألا وإن لكل ملك حمى ألا إن حمى الله فى أرضه محارمه، ألا وإن فى الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهى القلب”.((صحيح البخارى. كتاب الإيمان. باب فضل من استبرأ لدينه، ج1، ص28، حديث رقم 52، دار ابن كثير اليمامة،198 (

إترك تعليق

البريد الالكتروني الخاص بك لن يتم نشرة . حقل مطلوب *

*