العوامل الذاتية لنشر التصوف الإسلامي

العوامل الذاتية لنشر التصوف الإسلامي

 

العوامل الذاتية لنشأة التصوف الإسلامى

من المعلوم أن لفظ التصوف لم يكن معروفاً على عهد رسول الله –صلى الله عليه وسلم –والصحابة رضوان الله عليهم ، والتابعين ، بمعناه الذى ظهر به بعد ذلك، دالا على حياة الزهد ،والإنقطاع عن علائق الدنيا إلى التفانى فى عبادة الله تعالى استعداداً للآخرة .(الرسالة القشيرية ص 12 وفى التصوف الاسلامى د/محمود خفاجي ص30)

ولكن ما لبس أن نشر الإسلام  لواءه على كثير من البلاد التى فتحها المسلمون ،وفى هذه البلاد المفتوحة وجد العرب أنفسهم أمام ألوان من الحضارات وضروب من الترف تغريهم وتفتنهم ،وهنا أقبل الكثيرون منهم

على الترف ، وأمعنوا فى مخالطة الدنيا، وخلوا بين أنفسهم وشهواتها وإذا  بهم يحيون حياة ناعمة رقيقة تختلف كل الاختلاف عن حياتهم الأولى التي كان أخص  خصائصها الخشونة وشظف العيش ،وكان إلى جانب هؤلاء المعنيين بالترف المادى ، قوم أمعنوا فى الحياة الروحية ، فزهدوا في الدنيا وتقشفوا فى العيش وتقللوا من المأكل والمشرب والملبس ،بحيث كان الفقر أظهر سماتهم وأدل صفاتهم على كمال دينهم ،وخروجهم عن هذه الحياة المادية المترفة إلى حياة روحية قوامها العناية الفائقة بأمر الدين ،والمراعة الصادقة لأحكام الشريعة ،ومن هنا تَسَمَى هؤلاء القوم باسم الزهاد والعبادوالنساك والفقراء وتسموا بالصوفية بعد ذلك  .(الحياة الروحية فى الإسلام ./محمد مصطفى حلمى ص 87،86)

فظهور التصوف فى البيئة الإسلامية كان رد فعل لموجة الترف التى

شملت العالم الإسلامى ،فى ذلك الوقت ،وكان ظهور التصوف صرخة روحية  خالصة  فى وجه المادية الجارفة التى أوشكت آنذاك أن تفتن المسلمين فى دينهم وسلوكهم ،وذلك أن حياة المسلمين الاجتماعية فى العصرالأموى تغيرت كثيراً عما كانت عليه فى عهد النبى –صلى الله عليه وسلم – والخلفاء الراشدين ،فقد فتح المسلمون بلدانا كثيرة،وغنموا كثيراً،وبدأ الثراء يظهرفى المجتمع الإسلامى مقترنا بحياة الترف ولقد ظهر الترف والاسراف فى صوركثيرة تصدم الشعور المرهف ،فوجدنا من الخلفاء(كالمأمون) من يدفعفى مهر زوجته ألف  حصاة من الياقوت ،ويوقدشموع العنبر فى كل واحدة مائتا رطل ويبسط لها الفراش المنسوجة بالذهب ،المكللة بالياقوت وينفق أبوها أيام عرسها خمس مليون من الدراهم ،كذلك فقد ختن المقتدر خمسة من أولاده وأقام لذلك حفلا تكلف ستمائة ألف دينار،وبنى معزالدولة داراًغرم فيها ثلاثة عشر مليونا من الدراهم.(نظرات فى التصوف د/ عبد الحليم مدكور ص 69)

قداختلفت كلمة الباحثين فى البداية الحقيقية لظهور كلمة صوفى على عدة أقوال وهى :-

الأول :إن لفظ (صوفى )لفظ جاهلى عرفه العرب قبل الإسلام ،وقد ذهب الطوسى إلى هذا الرأى واستدل على ذلك بقصة مؤداها (أنه قبل الإسلام قد خلت مكة فى وقت من الأوقات ،حتى كان لايطوف بالبيت أحد ،وكان يجئ من بلد بعيد رجل صوفى بالبيت وينصرف،فإن صح ذلك ،فإنه يدل على أنه قبل الإسلام كان يعرف هذا الاسم،وكان ينسب إليه أهل الفضل والصلاح).(اللمع لأبى نصر السراج الطوسى ص 27)

الثانى :إن التصوف كان معروفاً فى عهد النبى –صلى الله عليه وسلم .

الثالث:أن لفظ (صوفى )كان  معروفاً فى زمان التابعين .

الرابع:يرى أصحاب هذا الرأى بداية لإطلاق كلمة (صوفى ) كان قبيل نهاية القول الثاني للهجرة .

ومهما يكن من أمرفإن التصوف قد تطور عن الزهد فى نهاية القرن الثانى للهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلوات وأكمل التحيات،فأصبح الزهاد والعباد يعرفون باسم الصوفية.

فعلم إذاً أن التصوف ليس دخيلاًعلى الإسلام لأنه جزء من الدين الاسلامى ،بل ان علم التصوف،من أهم العلوم التى اختص بها أهل السنة،والجماعة دون غيرهم من الفِرَق الأُخرى .

ولكن من هو أول من أُطْلِقَ عليه لفظ (صوفى)؟

يكاد يجمع الباحثون على أن هناك ثلاثة من زهاد الكوفة الأوائل وهم :      “أبو هاشم ،وجابر بن حيان ،وعبدك “وهم أول من أطلق عليهم لفظ (صوفى).

والخلاصة:إن كلمة التصوف كمصطلح ظهرت لأول مرة فى الكوفة وشاعت فيها،ثم لقيت اهتماما كبيراً بعد نصف قرن فى بغداد،بعد انتقال رجال الصوفية منها إلى العاصمة الجديدة ،وإن اسم الصوفى فى بدايته أطلق  على ثلاثة: “جابر بن حيان ،وأبو هاشم الكوفى ،وعبدك”.

فالكوفة إذن مصدر التصوف ومنبع رجاله ،بالإضافة إلى وجود عدد من الزهاد السنيين والعباد الصالحين المخلصين .

 

 

 

 

 

 

إترك تعليق

البريد الالكتروني الخاص بك لن يتم نشرة . حقل مطلوب *

*